للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستعاد ما كان غلب الافرنج عليه منها وغار على عمل انطاكية وغنم منه غنيمةً وافرة ولما عرف خبر عودهم عاد إلى حلب. ووصل الافرنج عقيب ذلك فأفسدوا في عمل حلب وقتلوا وأسروا خلقاً كثيراً وعاد طنكري ونزل على الأثارب وملكها بعد طول حصرها والمضايقة لها وذلك في جمادى الآخرة من السنة وأمن أهلها وخرج منها من أراد الخروج وأقام من أثر المقام واستقرت الموادع بعد ذلك بين الملك فخر الملوك رضوان وبين طنكري على أن يحمل إليه الملك من مال حلب في كل سنة عشرين ألف دينار مقاطعةً وعشرة أرؤس خيلاً وفكاك الأسرى واستقرت على هذه القضية وفيها وصل الملك بغدوين صاحب بيت المقدس إلى ناحية بعلبك وعزم على العيث والافساد في ناحية البقاع وترددت المراسلة بينه وبين ظهير الدين أتابك في هذا المعنى إلى أن تقررت الموادعة بينهما على أن يكون الثلاث من استغلالات البقاع للافرنج والثلاثان للمسلمين والفلاحين وكتب بيهما المواصفة بهذا الشرح في صفر من السنة ورحل عائداً إلى عمله وقد فاز بما حصل في يده وأيدي عسكره من غنائم بعلبك والبقاع ووردت الأخبار فيها بوصول بعض ملوك الافرنج في البحر ومعه نيف وستون مركباً مشحونة بالرجال لقصد الحج والغزو في بلاد الاسلام فقصد بيت المقدس وتوجه إليه بغدوين واجتمع معه وتقرر بينهما قصد البلاد الاسلامية. فلما عادا من بيت المقدس نزلا على ثغر صيدا في ثالث شهر ربيع الآخر سنة ٥٠٤ وضايقوه براً وبحراً. وكان الاسطول المصري مقيماً على ثغر صور ولم يتمكن من انجاد صيدا فعملوا البرج وزحفوا به إليها وهو ملبس بحطب الكرم والبسط وجلود البقر الطرية ليمنع من الحجارة والنفط وكانوا إذا أحكموه على هذه الصورة نقلوه على بكر تركب تحته