للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في السواد وهو حصن منيع لا يرام فشد القتال عليه وملكه بالسيف قهراً وقتل من كان فيه قسراً وشرع الافرنج في عمل برجي خشب للزحف بهما إلى سور صور وزحف ظهير الدين إليهم عدة دفعات ليشغله بحيث يخرج عسكر صور فيحرق البرجين وعرف الافرنج قصده في ذلك وخندقوا عليهم من جميع الجهات ورتبوا على الخندق الرجال بالسلاح لحفظه وحفظ الأبراج ولم يحفلوا بما يفعل وما يجري على أعمالهم من الغارات عليها والفتك بمن فيها. وهجم الشتاء فلم يضر بالافرنج لأنهم كانوا نزولاً في أرض رملة صلبة والأتراك بالضد من ذلك قد كابدوا من مقامهم شدةً عظيمة ومشقةً مؤلمة إلا إنهم لا يخلون من غارة وفائدة وقطع ميرة عن الافرنج ومادة وأخذ ما يحمل إليهم وقطع الأتراك الجسر الذي كان يعبر عليه إلى صيدا ليقطع المادة أيضاً عنها فعدلوا عند ذلك إلى استدعاء الميرة في البحر من جميع الجهات ففطن ظهير الدين لذلك ونهض في فريق من العسكر إلى ناحية صيدا وغار على ظاهرها فقتل جماعة من البحرية وأحرق تقدير عشرين مركباً على الشط وهو مع ذلك لا يهمل إصدار الكتب إلى أهل صور بتقوية قلوبهم وتحريضهم على استعمال المصابرة للافرنج والجد في قتالهم

وتم عمل البرجين وكباشهما التي تكون فيهما في تقدير خمسة وسبعين يوماً وشرع في تقديمهما والزحف بهما في عاشر شعبان وقربا من سور البلد واشتد القتال عليهما وكان طول البرج الصغير منهما نيفاً وأربعين ذراعاً والكبير يزيد على الخمسين ذراعاً. ولما كان أول شهر رمضان خرج أهل صور من الأبراج بالنفط والحطب والقطران وآلة الحرق فلم يتمكنوا من الوصول إلى شيء منهما فألقوا النار قريباً من البرج الصغير بحيث لم يتمكن الافرنج من دفعها فهبت ريح وألقت النار على البرج الصغير فاحترق بعد المحاربة الشديدة عليه والمكافحة