للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العين وتقارب الفريقين حتى حمل المسلمون عليهم وأحاطوا بهم من جميع الجهات وسائر الجنبات ضرباً بالسيوف ورشقاً بالسهام ومنح الله تعالى وله الحمد حزب الاسلام النصر على المردة الطغام ولم تمض ساعة من نهار يوم السبت السابع من شهر ربيع الأول من سنة ٥١٣ إلا والافرنج على الأرض سطحةً واحدةً فارسهم وراجلهم بخيلهم وسلاحهم بحيث لم يفلت منهم شخص يخبر خبرهم ووجد مقدمهم روجير صريعاً بين القتلى. ولقد حكي جماعةً من المشاهدين لهذه الوقعة إنهم طافوا في مكان هذه المعركة لينظروا آية الله تعالى الباهرة وإنهم شاهدوا بعض الخيول مصرعةً كالقنافذ من كثرة النشاب الواقع فيها. وكان هذا الفتح من أحسن الفتوح والنصر الممنوح لم يتفق مثله للاسلام في سالف الأعوام ولا الأنف من الأيام. وبقيت انطاكية شاغرةً خاليةً من حماتها ورجالها خاوية من كماتها وأبطالها فريسة الواثب نهزة الطالب فوقع التغافل عنها لغيبة ظهير الدين أتابك عن هذه الوقعة لتسرع التركمان إليها من غير تأهب لها للأمر النافذ والقدر النازل واشتغال الناس باحراز الغنائم التي امتلأت بها الأيدي وقويت بها النفوس وسرت بحسنها القلوب فتلك بيوتهم خاويةً والحمد لله رب العالمين وعاد ظهير الدين أتابك منكفياً إلى دمشق عقيب هذا الظفر ودخلها يوم السبت لليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ٥١٣ فصادف الخاتون صفوة الملك والدة الملك شمس الملوك دقاق ابن السلطان تاج الدولة تتش بن السلطان البارسلان قد نهكها المرض وطال بها وقد أشفت على الموت وكانت لقدومه متوقعةً وإلى مشاهدته متطلعةً فأدركها وشاهدها وسمع مقالها وقبل وصيتها وأقامت القليل وتوفيت إلى رحمة الله ومغفرته