للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتراسله وتعده وتمنيه وتطمعه في منصبه فإنه يجيب إلى ذلك ويعين عليه لأمرين أحدهما ديناً لأن مذهبه مذهبنا واعتقاده موالاتنا ومحبتنا والثاني للدنيا وحبها وكونه يصير في منصبه فيها ويدبر الأمر عليه بمن لا يعرف ولا يوبه له ولا يلتفت إليه ممن يغتاله إذا ركب فإذا ظفرنا بمن قتله قتلناه وأظهرنا الطلب بدمه والحزن عليه والأسف لفقده فيكون عذرنا عند كافة الرعية مبسوطاً ويزول عنا قبح القالة وسوء السمعة فاستقر الأمر على هذه القضية وشرع في اتمامه والحال فيه ظاهرة وقضى الله عليه قضاء المحتوم وسر الآمر بمقتله سروراً غير مستور عن كافة الخاصة بمصر والقاهرة. وقيل إن الموضع الذي قتل فيه بمصر عند كرسي الجسر في رأس السويقتين في يوم الأحد سلخ شهر رمضان سنة ٥١٥ وعمره إذ ذاك ٥٧ سنة لأن مولده كان بعكاء سنة ٤٥٨ وكان حسن الاعتقاد في مذهب السنة جميل السيرة موثراً للعدل في العسكرية والرعية صائب الرأي والتدبير عالي الهمة ماضي العزمة ثاقب المعرفة صافي الحس كريم النفس صادق الحدس عادلاً عن الجور حائداً عن مذاهب الظلم فبكته العيون وحزنت له القلوب ولم يأت الزمان بعده بمثله ولا حمد التدبير عند فقده وانتقل الأمر بعده إلى صاحبه الآمر بأحكام الله أمير المؤمنين واشتمل على خزائنه وأمواله وذخائره وكراعه وأثاثه وهو الغاية في الكثرة والوفور وانتظمت للآمر الأمور على المأثور وأقام أبا عبد الله بن البطائحي ووفى له بوعده ولقبه بالمأمون وبسط يده في البرم والنقض والرفع والخفض