للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه بمنازلة البلاد الشامية والطمع في تملك المعاقل الاسلامية والاطراح لمجاهدة العصب الافرنجية بالضد من أولي الحزامة والسداد وذوي البأس والبسالة في احراز فضيلة الغزو والجهاد. ونمى الخبر عنه إلى ظهير الدين أتابك بحكايات تدل على حسده له بما أوتي من الهيبة وحسن الصيت وجميل الذكر وكبر الشأن والأمر وأنه عازم على التأهب والاحتشاد لقصد أعمال الشام والعيث فيها والافساد. فعزم ظهير الدين أتابك عند معرفته هذه الأحوال التي لا يصدر مثلها عن أريب ولا يبدو شبهها عن حازم في رأيه لبيب على الاستعداد لقصده في عسكره حين يدنو من الأعمال الشامية فيوقع بعسكره ويشفي غليله بالفتك بحزبه. فما كان بعد ذلك إلا الأيام القلائل حتى انفصمت عرى شبابه ونزل محتوم القضاء به بهجوم مرض حاد عليه بظاهر الرحبة أتى عليه واصاره إلى المحتوم الذي لا بد له عنه ولا مجير له منه فانفل حده وخذله أنصاره وجنده وأسلمته للقضاء حماته وتفرقت عنه خواصه وثقاته وهلك في الحال وزيره وشريكه في الوزر ومشيره بعلة شديدة أعجلته وفي إشراك المنية أوبقته وهرب جماعة من خواص غلمان أبيه الأتراك باعلامه التي كانت قد استعملها على مراده وإيثاره وتناهى في أحكامها على قضية اقتراحه واختياره ووصلوا بها إلى ظهير الدين أتابك متحفين له بها ومتقربين إليه باهدائها فأحسن إليهم وبالغ في الاكرام لهم والانعام عليهم واصطفاهم لنفسه وضمهم إلى ثقاته واهل أنسه وقابلهم على وفودهم عليه بالفعل الجميل والعطاء الجزيل