وقد فات الأمر فيه فأكرم مثواه وسر بمقدمه وأجيب عن رسائله وتوجه عائداً بعد أن حمل إليه ما يقتضيه محله ويوجبه مكانه وصادفه في طريقه بناحية الرحبة خيل الأمير عماد الدين فقبضت عليه ونهبت ما كان معه وقتلت بعض غلمانه ولقي شدةً عظيمةً من الاعتقال والإعنات إلى أن خلص وأطلق سراحه وعاد إلى بغداد. وفي يوم الخميس لثلاث ليال خلت من جمادى الآخرة منها جمع تاج الملوك جماعة من الأمراء والمقدمين والخواص وأعيان الأجناد والكتاب والفقهاء وأماثل الرعية في مجلسه وقال لهم: إنني قد انتهت بي الحال بسبب هذا الجرح الذي قد طال أله وتعذر اندماله ما قد أيقنت معه الحلول بالأمر المقضي الذي لا بد منه ولا مندوحة للخلق عنه وقد يئست من روح الحيوة واستشعرت قرب الوفاة وهذا ولدي أبو الفتح إسمعيل قد لاحت لي منه إمارة الشهامة والنجابة وبانت لي فيه مخايل الكفاية واللبابة وهو أكبر ولدي والمرجو لسد ثلمة فقدي وقد رأيت أن أجعله ولي عهدي والمرشح لتولي الأمر بعدي ثقةً بسداده وحسن تأتيه مع حداثة سنه وحميد اقتصاده فإن سلك منهاج الخير واقتفاه وقصد سبيل العدل والانصاف وتوخاه فذاك المراد منه والمأمول فيه وإن عدل عن المطلوب المشار إليه وخالف الأمر المنصوص عليه كان المعول عليكم في