ونزلوا فاسروا جميعاً ونهب ما كان في البلد وقرر فيه من الرجال الأجلاد من يحفظه ويذب عنه ورحل عنه في العسكر ومعه الأسرى ورؤوس القتلى وحرم الوالي الذي كان به وأولاده والعدد الكثيرة ووصل إلى دمشق في يوم الخميس لست ليال خلت من صفر من السنة. وخرج الناس من البلد للقائه ومشاهدة الأسرى في الحبال والرؤوس في القصب وهم الشيء الكثير والجم الغفير فرأى الناس من ذلك ما أقر عيونهم وسر قلوبهم وشد متنهم وابتهجوا له وأكثروا من شكر الله تعالى على ما سناه من هذا النصر العزيز والفتح المبين وشاعت الأخبار بذلك في الافرنج فهالهم سماعه وارتاعوا لحدوث مثله وامتلأت قلوبهم رعباً ووجلاً وأكثروا التعجب من تسهل الأمر في بانياس مع حصانتها وكثرة الرجال فيها في أقرب مدة وأسهل مرام وأسفوا على من قتل من الخيالة الفرسان والرجالة
وفي هذه السنة وردت الأخبار من ناحية العراق بوصول السلطان مسعود بن السلطان محمد إلى بغداد ونزوله في الجانب الغربي منها وأقام بها أياماً قلائل لتقرير الحال وكتب تذكرةً بأشياء اقترحها والتمس إضافة الشام إلى العراق ووصل إليه قاضي القضاة والأعيان والأماثل واستحلفوه على ما تضمنه المشروح المقترح في التذكرة وطولع بما جرى فخرج الأمر السامي الأمامي المسترشدي بالاذن له في نزوله في دار السلطنة وكتبت ألقابه وإقامة الدعوة له وحمل إليه ما يحتاج إلى مثله من الفرش وغيره وخطب له آخر جمعة من المحرم وكتب بتقرير أمر السلطنة إلى جميع الأعمال والأمر بالدعاء له على منابرها. واستدعي إلى الدار العزيزة المسترشدية وناب الوزير شرف الدين أنوشروان بن خالد وزير الخليفة عنه في إيصال سلامه ودعائه أحسن مناب وخوطب بأجمل