وتفرق عسكره في البلاد وعاد السلطان مسعود إلى منزله وخوطب له في جامع همذان
وفي هذه السنة عزم شمس الملوك إسمعيل بن تاج الملوك على قصد حماة لمنازلتها واستعادتها من أيدي الغالبين عليها وملكتها وقد كان أخفى هذا العزم في نفسه ولم يظهر عليه غيره وشرع في التأهب لذاك والاستعداد للمصير إليها وقد كانت الأخبار انتهت إلى الحافظ لها بهذا الاعتزام فبالغ في التحصين لها والتأهب للذب عنها والمراماة دونها وأعد لذلك كل آلة يحتاج إليها ويعتمد عليها. وانتهى الخبر بهذه الحال إلى شمس الملوك فلم يحفل بهذا الأمر ولا يشطن عنه بل برز في العشر الأخير من شهر رمضان سنة ٢٧ ولم يبق من مقدمي أمرائه وخواصه إلا من أشار عليه بأبطال هذه الحركة واستوقف عزمه عنها وهو لا يحفل بمقال ولم يسمع منه جواب خطاب وقيل له: تهمل هذا إلى فراغ صوم هذه الأيام القلائل من هذا الشهر المبارك وتقضي سنة العيد ويكون التوجه بعده إلى ذلك المكان. فلم يصغ إلى أحد في هذا الرأي ولا عمل بمشورة انسان وبنى أمره على قصدها وأهلها غارون ومن بها من الحماة غافلون لتحققهم إنه لا ينهض أحد في هذه الأيام إلا بعد العيد وترفيه الجند. ثم إنه رحل في الحال إليها وأغذ السير حتى نزل عليها وهجم في يوم العيد على من فيها فراعهم ما أحاط من البلاء بهم وزحف إليهم من وقته في أوفر عدة وأكمل عدة فتحصنوا بالدروب والرحال وصبروا على الرشق بالسهام والنبال وعاد العسكر في ذلك اليوم وقد نكأ فيهم نكايةً ظاهرةً في القتل والجرح والنهب والسلب وباكرهم من غده في الفارس والراجل وفرقهم حول البلد من جميع نواحيه ثم زحف في خواصه من الغلمان الأتراك وجماعة وافرة من الرجالة والخيالة