من شمس الملوك التنكر عليه وظهر له فساد نيته فيه وبان ذلك له من ثقات يسكن إليهم ولا يشك فيهم وحمله الخوف من المعاجلة له والايقاع به فهم بالهروب إلى تدمر وترقب الفرصة في ذلك إلى أن اتفق لشمس الملوك في بعض الجهات خروج فخرج من البلد آخر النهار وسره مكتوم عن الخل والجار وقصد ضيعته لمشاهدتها وقد استصحب خواص أصحابه وغلمانه ثم تم على حاله مغذاً في سيره مجداً في قصده إلى أن حصل بتدمر آمناً مما توقاه ظافراً بما رجاه. وظهر خبره في غد ذلك اليوم فحين عرف شمس الملوك جلية حاله ضاق صدره لافلاته من يده وتضاعف ندمه لفوات الأمر فيه وكاتبه بما يطيب نفسه ويؤنسه بعد استيحاشه فلم يصغ إلى ذلك بل أجابه جواب الخاضع والطائع والعبد الناصح والمستخدم المخلص ويقول: إنني في هذا المكان خادم في حفظه والذب عنه فلما وقع اليأس وعلم إن المقال لا ينجع حنق عليه وذكره بكل قبيح وأظهر ما يسره في نفسه ولم يعرض لشيء من ملكه وداره وأقطاعه وأهله وأسبابه. وتجدد بعد ذلك ما يذكر في موضعه وكان هروبه في ليلة الجمعة لليلة خلت من المحرم سنة ٥٢٩ من الضيعة الجارية في أقطاعه المعروفة بالمنيحة من الغوطة
وفي هذه السنة شاعت الأخبار في دمشق بين خاصتها وعامتها عن صاحبها الأمير شمس الملوك أبي الفتح إسمعيل بن تاج الملوك بوري بن ظهير الدين أتابك بتناهيه في ارتكاب القبائح المنكرات وإيغاله في اكتساب المآثر المحظورات الدالة على فساد التصور والعقل وصداء الحسن