قد مضى من ذكر الروم فيما اعتمدوه في هذه الأيام ما قد عرف ويذكر بعد ذلك مبدأ أحوالهم وخروجهم وأفعالهم وذلك أنهم ظهروا من ناحية مدينة البلاط في يوم الخميس الكبير من صومهم ونزلوا غفلةً على حصن بزاعة بالوادي في يوم الأحد عندهم وغارت خيلهم على أطراف حلب في تاسع عشر رجب من السنة واستأمن منهم إلى حلب جماعة من كافر ترك وأنذروا من بحلب بالروم فحذروا وضموا أطرافهم وتحرزوا وتحفظوا استعدوا وتيقظوا قبل الاغارة بليلة وكان هذا الانذار من المستأمنة لطفاً من الله تعالى ورحمةً. وبعد هذا التحرز والاحتياط اشتمل الروم في عادتهم على جملة وافرة من أهل حلب وضواحيها وأنفذ أهل حلب من أعيانهم من مضى إلى عماد الدين أتابك مستصرخا به وهو مخيم على حمص فانهض إليهم من أمكنه من الخيالة والرجالة والناشبة والنبالة والعدد الوافرة وحصل الجميع في السابع وعشرين من رجب من السنة ووردت الأخبار بتملك الروم المذكورين حصن بزاعة بعد حصره ومضايقته ومحاربته بالمنجنيقات في يوم السبت الخامس والعشرين من رجب بالأمان وغدر بأهله بعد تسلمه وأيمانهم وجمع من غدر بهم وأحصاهم وقيل أنهم كانوا خمسة ألف وثمانمائة نفس وتنصر قاضي بزاعة وجماعة من الشهود وغيرهم تقدير أربعمائة نفس وأقام الملك بعد ذلك بمكانه عشرة أيام يدخن على مغارات اختفى فها جماعة فملكوا بالدخان وفي يوم الأربعاء الخامس من شعبان نزل الروم أرض الناعورة ورحلوا عنها في يوم الخميس ثامنه واجتازوا بحلب ومعهم عسكر أنطاكية ومقدمهم