للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كان في الجيش اللهام مبيته ... ومن حوله أبطاله وصوارمه

وسمر العوالي حوله بأكفّهم ... تذود الردى عنه وقد نام نائمه

ومن دون هذا عصبةٌ قد ترتّبت ... بأسهمها يردى من الطير حائمه

وكم رام في الأيّام راحة سرّه ... وهمّته تعلو وتقوى شكائمه

فأودى ولم ينفعه مالٌ وقدوةٌ ... ولا عنه رامت للقضاء مخاذمه

وأضحت بيوت المال نهبى لغيره ... يمزّقها أبناؤه ومظالمه

وكم مسلك للسّفر أمّن سبله ... ومسرح حيّ أن تراع سوائمه

وكم ثغر اسلامٍ حماه بسيفه ... من الروم لمّا أدركته مراحمه

فلمّا توّلى قام كل مخالفٍ ... وشام حساماً لم يجد وهو شائمه

وأطلق من في أسره وحبوسه ... وفكّت عن الأقدام منه أداهمه

وعاد إلى أوطانه بعد خوفه ... وطابت له بعد السغوب مطاعمه

وفرّت وحوش الأرض حين تمزّقت ... كواسره عنها وفلّت سواهمه

ولم يبق جانٍ بعده يحذر الردى ... ولا داعرٌ يخشى عليه مناقمه

فمن ذا الذي يأتي نهيبة مثله ... وتنفذ في أقصى البلاد مراسمه

فلو رقيت في كل مصرٍ بذكره ... أراقمه ذلّت هناك أراقمه

ومن ذا الذي ينجو من الدهر سالماً ... إذا ما أتاه الأمر والله حاتمه

ومن رام صفواً في الحياة فما يرى ... له صفو عيشٍ والحمام يحاومه

فإياك لا تضبط مليكاً بملكه ... ودعه فإنّ الدهر لا شكّ قاصمه

فإن كان ذا عدلٍ وأمنٍ لخائفٍ ... فلا شكّ أنّ الله بالعدل راحمه

وقل للذي يبني الحصون لحفظه ... رويدك ما تبني فدهرك هادمه

فكم ملك قد شاد قصراً مزخرفاً ... وفارق ما قد شاده وهو عادمه

وأصبح ذاك القصر من بعد بهجة ... وقد درست آثاره ومعالمه

وفي مثل هذا عبرةٌ ومواعظٌ ... بما يتناسى المرء ما هو عازمه