من المسلمين فضاقت الصدور باستماع هذا الخبر المكروه ووردت الأخبار مع ذلك بأن الأمير نور الدين صاحب حلب نهض في عسكره وانضاف إليه من التركمان عند وقوعه على الخبر وتقدمه سيف الدولة سوار وأغذوا السير ليلاً ونهاراً وغدواً وابتكاراً من اجتمع من الجهات وهم الخلق الكثير والجم الغفير زهاء عشرة ألف فارس ووقفت الدواب في الطرقات من شدة السير ووافوا البلد. وقد حصل ابن جوسلين وأصحابه فيه فهجموا عليهم ووقع السيف فيهم وقتل من أرمن الرها والنصارى من قتل وانهزم إلى برج يقال له برج الماء فحصل فيه ابن جوسلين في تقدير عشرين فارساً من إبطال أصحابه وأحدق بهم المسلمون من جهاته وشرعوا في النقب عليهم وما كان إلا بقدر كلا ولا حتى تعرقب البرج وانهزم ابن جوسلين وأفلت منه في الخفية مع أصحابه وأخذ الباقون ومحق السيف كل من ظفر به من نصارى الرها واستخلص من كان أسر من المسلمين ونهب منها الشيء الكثير من المال والأثاث والسبي وسرت النفوس بهذا النصر بعد الحزن والاختزال وقويت القلوب بعد الفشل والانخذال وانكفأ المسلمون بالغنائم والسبي إلى حلب وسائر الأطرافوفي شوال من هذه السنة ترددت الرسل والمراسلات من الأميرين نور الدين محمود بن عماد الدين أتابك صاحب حلب ومعين الدين أنر إلى أن استقرت الحال بينهما على أجمل صفة وأحسن قضية وانعقدت الوصلة بين نور الدين وبين ابنة معين الدين وتأكدت الأمور على ما اقترح كل منهما وكتب كتاب العقد في دمشق بمحضر من رسل نور الدين في الخميس الثالث والعشرين من شوال سنة ٥٤١ وشرع في تحصيل الجهاز وعند الفراغ منه توجهت الرسل عائدةً إلى حلب وفي صحبتهم ابنة معين الدين ومر في جملتها من خواص الأصحاب في يوم الخميس النصف من ذي القعدة من السنة