دمشق وما والاها وفي يوم الخميس تاليه قصد فريق وافر منهم ناحية السهم والنيرب وكمنوا عند الجبل لعسكر دمشق فلما خرج منها إليها أسرع النذير إليهم فحذرهم وقد ظهر الكمين فانهزموا إلى البلد وخرج من أعقابهم وسلموا من الايقاع بهم وفي يوم الجمعة تاليه وصل نور الدين في عسكره ونزل على عيون فاسريا ما بين عذراء ودومة وامتدوا إلى تلك الجهات وفي يوم السبت التالي له رحلوا من ذلك المكان ونزلوا في أراضي حجيرا وراوية وتلك الجهات في الخلق الكثير والجم الغفير وانبثت أيدي المفسدين في عسكر الدمشقي والأوباش من أهل العيث والافساد في زروع الناس فحصدوها واستأصلوها وفي الثمار فافنوها بلا مانع ولا دافع وضر ذلك بأصحابها الضر الزائد وتحرك السعر وانقطعت السابلة وضاقت الصدور ووقع التأهب والاستعداد لحفظ البلد والسور ووافت رسل نور الدين إلى ولاة أمر البلد تقول: أنا ما أوثر إلا صلاح المسلمين وجهاد المشركين وخلاص من في أيديهم من الأسارى فإن ظهرتم معي في عسكر دمشق وتعاضدنا على الجهاد وجرى الأمر على الوفاق والسداد فذلك غاية الإيثار والمراد. فلم يعد الجواب إليه بما يرضاه ويوافق مبتغاه
وفي يوم السبت الثالث والعشرين منه رحل نور الدين في عساكره عن ذلك المنزل بحيث نزل في أرض مسجد القدم وما والاه من الشرق والغرب ومبلغ منتهى الخيم إلى المسجد الجديد قبلي البلد وهذا منزل ما نزله أحد من مقدمي العساكر فيما سلف من السنين وجرى بين أوائل العسكر وبين من ظهر إليه من البلد مناوشات ثم عاد كل إلى مكانه ولم تزل الحال مستمرة