للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على مذهب الامام أبي حنيفة رحمه الله ما هو مشهور شائع مع الورع والدين والعفاف والتصون وحفظ ناموس الدين والعلم والتواضع والتردد إلى الناس على طريقة مرضية وسجية محمودة لم يشاركه فيها غيره ووقع الأسف عليه من جميع الخاص والعام والتأبين له والحزن عليه قد مضى من ذكر الرئيس المسيب في حصوله بصرخد وتقرر بعد ذلك تطييب نفس مجاهد الدين والحلف له على إزالة ما خامره من الاستيحاش والنفار ما سكن إليه واعتمد عليه وعاد إلى داره بدمشق أواخر شعبان وصام رمضان فيها ثم هجس في خاطره من مجير الدين وخواصه ما أوحشه منهم ودعاه ذلك إلى الخروج من البلد سراً في يوم الثلاثاء الثاني عشر من شوال طالباً صرخد فحين عرف خبره نهض في طلبه وقص أثره جماعة من الخيل فأدركوه وقد قرب من صرخد فقبض عليه وأعيد إلى القلعة بدمشق واعتقل بها اعتقالاً جميلاً

وحدث في هذه الأيام من تتابع الأمطار في الأماكن والثلوج في الجبال والأعمال البقاعية ما لم ير مثله ثم ذاب الثلج وسالت بمائه الأودية والشعاب وساح على الأرض كالسيل الجارف وامتلأت به الأنهار والتقت الشطط وأفسد ما مر به من الأراضي المنخفضة ووصل المد إلى بردى وما قرب منها ورأى من كثرته وعظمه وتغير لونه ما كثر التعجب منه والاستعظام له فسبحان مالك الملك منزل الغيث من بعد القنوط إنه على كل شيء قدير ثم تجدد عقيب ذلك من الرئيس الوزير حيدرة المقدم ذكره أشياء ظهرت عنه مع ما في نفس الملك مجير الدين منه ومن أخيه المسيب والمعرفة بالسعي والفساد ما اقتضت الحال استدعاءه إلى القلعة على حين غفلة منه وعن القضاء النازل به لسوء أفعاله وقبح ظلمه وخبثه ثم عدلت به