فساد الافرنج وقصد أعمال الملاعين في أواخر شوال من السنة وتواصلت عقيب هذه الحال الأراجيف بالملك نور الدين فقلقت النفوس وانزعجت القلوب فتفرقت جموع المسلمين واضطربت الأعمال وطمع الافرنج فقصدوا مدينة شيزر وهجموها وحصلوا فيها فقتلوا وأسروا وانتهبوا وتجمع من عدة جهات خلق كثير من رجال الإسماعيلية وغيرهم فاستظهروا عليهم وقتلوا منهم وأخرجوهم من شيزر
واتفق وصول نصرة الدين إلى حلب فأغلق والي القلعة مجد الدين في وجهه الأبواب وعصى عليه فثارت أحداث حلب وقالوا: هذا صاحبنا وملكنا بعد أخيه. وزحفوا في السلاح إلى باب البلد فكسروا إغلاقه ودخل نصرة الدين في أصحابه وحصل في البلد وقامت الأحداث على والي القلعة باللوم والانكار والوعيد واقترحوا على نصرة الدين اقتراحات من جملتها إعادة رسومهم في التأذن بحي على خير العمل محمد وعلي خير البشر فأجابهم إلى ما رغبوا فيه وأحسن القول لهم والوعد ونزل في داره. وأنفذ والي القلعة إلى نصرة الدين والحلبيين يقول: مولانا الملك العادل نور الدين حي في نفسه مقيم في مرضه. وما كان إلى ما فعل حاجة تدعو إلى ما كان فقيل الذنب في ذاك إلى الوالي وكتم الحال وصعد إلى القلعة من شاهد نور الدين حياً يفهم ما يقول وما يقال له فأنكر ما جرى وقال: الآن أنا أصفح للأحداث عن هذا الخطل ولا أواخذهم بالزلل وما طلبوا إلا صلاح حال أخي وولي عهدي من بعدي وشاعت الأخبار وانتشرت البشارات في الأقطار بعافية الملك نور الدين فأنست القلوب بعد الاستيحاش وابتهجت النفوس بعد القلق والانزعاج وتزايدت العافية وصرفت الهمم إلى مكاتبات المقدمين بالعود إلى جهاد الملاعين وكان نصرة الدين قد ولي مدينة حران وأضيف إليها وتوجه نحوها. وكان الغيث قد أمسك عن أعمال حوران وعزم أهلها على