للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكجور فسرى في البرية فلم يشعر به حتى أتاهم فكان أبو المعالي صاحب حلب قد علم بالسرية فأنفذ إليهم من حذرهم واتفق لهم أنهم حملوا وخرجوا من حمص هاربين فلما حصلوا بأحمالهم بظاهر البلد أدركتهم السرية فأخذتهم ورجعت إلى دمشق. وفسد أمر بكجور مع المغاربة ومع أبي المعالي فراسل صاحب بغداد فلم ير له عنده ما يحب وكان الوزير ابن كلس مضرب بينهما ويطمع كل واحد منهما في صاحبه. وكان الوزير ابن كلس يهودياً من أهل بغداد خبيثاً ذا مكر وحيلة ودهاء وذكاء وفطنة وكان في قديم أمره خرج إلى الشام فنزل بالرملة فجلس وكيلاً للتجار فلما اجتمعت الأموال التي للتجار كسرها وهرب إلى مصر في أيام كافور الاخشيدي صاحب مصر فتاجره وحمل إليه متاعاً كثيراً ويحال بماله على ضياع مصر وكان إذا دخل ضيعةً عرف غلتها وارتفاعها وظاهر أمرها وباطنها وكان ماهراً في اشغاله لا يسئل عن شيء من أمورها إلا أخبر به عن صحة فكبرت حاله وخبر كافور بخبره وما فيه من الفطنة والسياسة فقال: لو كان هذا مسلماً لصلح أن يكون وزيراً. فبلغه ما قال كافور فطمع في الوزارة فدخل جامع مصر في يوم الجمعة وقال: أنا أسلم على يد كافور. فبلغ الوزير ابن حنزابة وزير كافور ما هو عليه وما طمع فيه فقصده وخاف منه فهرب إلى المغرب وقصد يهوداً كانوا هناك مع أبي تميم المعز لدين الله أصحاب أمره فصارت له عندهم حرمة فلم يزل معهم إلى أن أخذ المعز مصر فسار معه إليها فلما توفي المعز وأصحابه اليهود وولي العزيز بالله استوزره في سنة ٣٦٥ وكان هذا الوزير أبو الفرج يعقوب بن يوسف بن كلس كبير الهمة قوي النفس والمنة عظيم الهيبة فاستولى على أمر العزيز وقام به استصحه فعول عليه وفوض أمره إليه وكانت أموره مستقيمة بتدبيره فلما اعتل علة لوفاة ركب إليه العزيز عائداً فشاهده على حال اليأس فغمه أمره وقال له: وددت بأنك