ثانيًا: مصادرة القرآن على التأويل والاختلاف في التفسير:
الشأن في الفريضة التي لا يتكرر ممارستها، كالحج والميراث أن تفسح المجال لاحتمال الاختلاف في الرأي والتفسير لتحديد أركانها وفروضها وشروطها، فيكون التصوير القرآن الكريم لهما مصادرة على اختلاف الرأي، ودفعًا للتردد بين الراجح والمرجوح، فلا تتعرض الفريضة للخلاف حول الأركان هل هي ركن أو واجب أو نافلة؟ والتنصيص على ذلك في القرآن الكريم يقضي على الجدال والمناقشة والتأويل والترجيح والخلاف والتغليب، لتقرير ذلك على سبيل الحسم والإلزام والطاعة.
ثالثًا: صعوبة إدراك الخطأ في الفريضتين:
الخطأ في الحج والميراث من الصعب إدراكه، بل من المتعذر جبر النقص فيه، لا كالفرائض الأخرى، فالصلاة الفاسدة تقتضي في دقائق، والصيام الباطل يقضي في مدى عام أو أكثر، والزكاة تظل دينًا حتى تقضى ولو بعد الموت، كل ذلك بلا تعب ولا إعداد زاد ولا مشقة طريق ولا مخاطرة في سفر، ولا كالميراث، فالخطأ في توزيع الفرائض يرجع فيه إلى طمع النفس وحبها للمال، ولا كالحج، فالفساد في ركن من أركانه مثل ترك الطواف أو السعي، لا يصح الحج إلا بأداء المتروك، بل ترك عرفة يجعل الحج باطلًا في هذا العام، ويجب عليه أداؤه في العام المقبل، وأداء المتروك وإعادة الوقوف بعرفة أمر ليس سهلًا، بل يكاد يكون متعذرًا لإعداد الزاد، وتحمل المشقة جديدة، والمجازفة في مخاطر السفر والطريق، وكثرة أعباء الحياة التي تزداد يومًا بعد يوم.