للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَازْدَادُوا تِسْعًا:

قال الله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: ٢٥] ، يظهر في هذه الآية الكريمة الإعجاز في التصوير القرآني المستمد من الحقيقة والواقع المجردين من ألوان الخيال المختلفة تشبيهًا أو استعارة أو كناية، التي تقوم عليها الصورة الأدبية عند معظم النقاد.

فالصورة القرآنية هنا مع تجردها من الخيال بلغت حدَّ الإعجاز في صورتين، الأولى: مستمدة من حقيقة علمية انتهى إليها علماء الفلك في حساب السنين الهجرية والميلادية في قوله تعالى: {وَازْدَادُوا} ، فقد جرت العادة في ذكر هذا العدد بدون هذه الزيادة، بأن يقال: ثلاثمائة وتسع سنين، ظنًّا بأنها لا تضيف جديدًا، بل وقعت استطرادًا في التعبير العلمي، لكن الحقيقة غير ذلك، فالتعبير بالزيادة مع المغايرة في حرف العطف يدل على الفرق بين الأيام الزائدة في السنة الميلادية عن السنة الهجرية، فالثلاثمائة سنة ميلادية تقل في مجموعها عن السنة الهجرية بتسع سنين زيادة في مجموعها، وهو الإعجاز العلمي في عرف علماء الفلك حديثًا.

أما الصورة القرآنية مستمدة من الواقع، فالشأن في النائم، بعد بذل جهد طويل فيسهر متواصل حين يأوي إلى فراشه أن يقطع ساعات فوق عادته اليومية، ليعود إليه نشاطه، ويسترد قواه، فإذا ما استيقظ بعد ذلك لا ينهض واقفًا فجأة، وإلا سقط على الأرض، بل لا بد من دقائق تمهيدًا للانتقال من السكون إلى الحركة، فيظل في فراشه شبه يقظان تتقلب يمينًا وشمالًا ويحرك يديه ورجليه، حتى يدبَّ النشاط في البدن،

<<  <   >  >>