القرآن الكريم هو كتاب هذه الأمة إلى قيام الساعة، فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم، يقيم منهجًا مستقيمًا يتجاوب مع الإنسان في أي مكان، وفي كل الأزمان {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}[المؤمنون: ٥٢] ، على العكس من الأمم السابقة، فقد كان لكل قوم تشريع يتناسب معهم، ولا يتناسب مع غيرهم، ولا يصلح إلا لعصر وجيل واحد، وهو الجيل الذي يعيش فيه الرسول حتى يلتحق بالرفيق الأعلى فتنقطع رسالته من بعده، قال تعالى:{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ}[الحج: ٦٧] ، لهذا العموم في رسالة الإسلام، كانت الغاية من القرآن الكريم في تصوير الحرف والمهن العامة، وتصوير التجارة خاصة، هي إقرار الحرفة والمهنة، وتشريعها من خلال القيم الإسلامية، لتكون منهجًا صالحًا لتطبيقه في كل عصر، ولتستجيب مع أمسى الغايات للإسلام، وهي البناء الأخلاقي للإنسان المثالي، التي تحسن علاقته مع ربه ومع الناس أجمعين.
هذا هو منهج القرآن الكريم في تصوير الحرف، وسنوضح حرفة التجارة من خلال القرآن وحده غير مرتبط بالسنة الشريفة، وفيها تفصيل شامل لها، وليست السنة موضع حديثنا، لأنني سأتحدث عن التجارة في القرآن الكريم هنا بصفة خاصة.
صور القرآن الكريم أعمال التجاربة في إعجاز بياني يقوم على تشريعها من خلال القيم الإسلامية، التي تميِّز بين الغثِّ والسمين، وبين الحلال والحرام، وبين الطيب والخبيث، ليوضح للإنسان التجارة