في هذه الآيات يأتي تصوير النهار متقدمًا على الليل في أربع مرات غالبًا مثلًا يقتضيها الإعجاز في التصوير القرآني؛ لدواع إعجازية؛ ومقتضيات بلاغية تتناسب مع المقام، وهي:
١- حين أقسم الله عز وجل بـ"الضحى" وهو نهار، جاء الليل بعد النهار في سورة "الضحى"، فأقسم الله بضحى النهار؛ فقال تعالى:{وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}[الضحى: ١- ٣] .
٢- بعد القسم أيضًا في سورة "الشمس"؛ فأقسم الله بها، وهي مصدر الضوء في النهار؛ فيأتي النهار متقدمًا على الليل، قال تعالى:{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا، وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا}[الشمس: ١-٤] ، فبراعة الإعجاز في التصوير القرآني يقتضي المقام فيها، أن يتقدم النهار على الليل؛ ولذلك لم تدخل هذه الآية مع آيات تقدم الليل على النهار، واكتفيت بذكرها هنا؛ لأن النهار يدور مع الشمس والضحى، ثم القمر وهو نور أيضًا، ثم يأتي القسم بالنهار، يتلوه مباشرة القسم بالليل، لأن النهار والقمر والضحى كلها أنوار، تقابل الظلام الذي يسود الليل، في تصوير قرآني يجمع بين النسق والتلاؤم والتوازن وبديع خلق الله وصنعه.