تعهد الإسلام الجنين في بطن أمه بالتغذية والحفظ والرعاية، وهو نطقة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم خلقًا آخر في أحسن تقويم، فتبارك اللهأحسن الخالقين، فحرم الإسلام إجهاض الجنين، وكل عمل يؤدي إلى سقوطه أو إهلاكه أو إزهاق روحه، فقد صار روحًا وجسدًا له حقوق الإنسان الذي يمشي بين الناس، وحرماته التي تعرض المعتدي إلى غضب الله عز وجل، ورفع الإسلام عن أمه المشقة، وبذل الطاقة التي تعود عليها بالأذى والضرر، فرخص لها الإفطار في نهار رمضان خوفًا عليه فيهلك، وعلى أمه فتضعف أو تصاب بأذى، وأمر الإسلام الزوج بالإنفاق على زوجه الحامل، وأن يجعل معيشتها في سعة حسب طاقته وقدرته، فلا يضيق عليها، ولا يكلفها ما لا تطيق خوفًا عليها وعلى الجنين، قال تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٦] ، وبذلك ينال الجنين حقه من الغذاء وهو في بطن أمه، بل إن غذاءه هو خلاصة الطعام الذي يبني خلايا جسمه من غير أن يمرَّ بمراحل التنقية، كما ينال حقَّه أيضًا من الحفظ والرعاية، فيقدم إليها البلح والرطب والتمر، فإنه يعين على نضج الجنين واكتمال صورته، ويقوي الطلق أثناء الوضع، ويسهل التوليد كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم والطِّبّ الحديث، قال تعالى:{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا، فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا}[مريم: ٢٥-٢٦] ، كما حثَّ الإسلام على حسن استقبال الطفل ساعة ولادته، فتظل القابلة في ذكر دائم لله عز وجل، وفي شكر دائم وثناء متواصل على بديع صنعه، وقدرة البارئ المصور في خلقه وإبداعه، قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا