فقد صور القرآن الكريم طبيعة اليهود والنصارى تصويرًا قرآنيًّا بديعًا تعجز عنه أحدث نظريات علم النفس في كل عصر، مهما بلغ العقل مبلغ الإبهار البشري، حين أبدع في تصوير طبيعة اليهود المادية الطاغية من غلظة القلب وشدة الشكيمة، وفظاعة التصرف، وبشاعة الصنيع، وخبث العداوة، وخسة البغضاء، وعنادهم في الحق لغيرهم من البشر وخاصة مع المؤمنين، فهم أشد عداوة لهم من غيرهم، فلا تجد فيهم عرقًًا واحدًا من المشاعر ينبض، فهم كما قال الله تعالى فيهم:{كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} ، بل يمتاز عنهم الذين أشركوا بأنهم يعتبرون أنفسهم من البشر لا فوق البشر كاليهود في هذيانهم بأنهم شعب الله المختار.
وتزداد هذه الصفات بشاعة حين قوبلت بصورة أخرى لطبيعة النصارى التي تذوب رقة وشفافية ومودة ومحبة ولين عريكة وسهولة انقياد، وميلًا للحق مع التواضع والاستكانة في غير كبر ولا غرور، وغيرها من الصفات الروحية التي تقاوم المادية في الجسد.
وانطلقت هذه الصفات الحيوانية لليهود من مقومات التصوير القرآني لهم، فعبَّر بصورة المضارعة المؤكدة بلام القسم بلفظ الجلالة ونون التوكيد الثقيلة، لتؤكد هذه الصفات فيهم بمعنى: والله لتجدن يقينًا