هُمُ الْعَادُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون: ١-٩] ، فكلها من أخلاق الصيام، ومن أخلاق الصيام الوفاء بالعهد وأسمى أنواع الأمانات التي تكون ابتغاء مرضاة الله عز وجل، فقد يزداد الأمين حرصًا على أمانته كلما أحسن بأن الناس من حوله يكثرون الثناء عليه، ويشيدون بأمانته، فيظهر للمطرين أشد حرصًا عليها، ويتراءى للمادحين أشدّ تمسكًا بها ابتغاء مرضاتهم ومزيدًا من الثناء والمدح، لا ابتغاء مرضاة الله، أما أمانة الصيام فهي سرٌّ بين العبد وربه، فهو سبحانه يعلم السر وأخفى، فلا يدركها إلا الله عز وجل، لأن أمانة الصيام لا تظهر حقيقتها في القول والعمل إلا لله سبحانه، فتسجل على الصائم السيئات أو له الحسنات:"كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"، وما أشد حاجة الإنسان والأمة الإسلامية إلى هذه الأمانة الخاصة لوجه الله الكريم؛ فإنها تسمو بالإنسان عن حب الذات إلى العمل الصادق والبناء، فيمتلئ قلبه بالرضى، ويسعد في الدارين، وتقوى الأمة وتنصر على أعدائها "فلا إيمان لمن لا أمانة له".
ومن أخلاق الصيام: تربية الإرادة القوية، وتنمية العزيمة الصادقة وغرسها، في النفس، وذلك حينما يقبل الصائم بنفس راضية على صيام ثلاثين يومًا متتابعة، وعلى قيام ليلها على الرغم من شدة الحر أو قسوة البرد، ومن جهاد النفس بالعمل وتحصيل الرزق، ومن مقاومة الرغبات والمغريات والشهوات والملذات، وهو فرح مسرور بصيامه "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه"، قال النبي -صلى الله عليه وسلم:"من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، "ومن قام