للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشروعة لتقوم على القيم الإنسانية النبية مجردة من الأنانية والغش والبخس والتطفيف والفساد والضلال وغيرها، مما يتنافى مع الفطرة الظاهرة، يقول الله تعالى: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ، وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ، وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [الشعراء: ١٨١-١٨٣] ، وقال تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ، أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ، وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: ٧-٩] ، وقال تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ، أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ، لِيَوْمٍ عَظِيمٍ، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: ١-٦] .

ويمتن الله -سبحانه وتعالى- بما أسبغ على قريش من نعم التجارة وفضلها عليهم دون سائر العرب آنذاك، من خلال رحلتيهما العظيمتين رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام، وحين يقرِّر القرآن هذا العمل في الجاهلية يصير بعد ذلك تشريعًا إسلاميًّا لهذه الأمة، فشرع من قبلنا شرع لنا إذا ورد في القرآن ما يقرِّره، قال تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ١-٤] .

وهنا قرر القرآن التجارة لا كما كانت عليه الجاهلية الأولى، ولكن من خلال قيم الإسلام التشريعية، وهي أن تكون مرتبطة بمرضاة الله عز وجل، رب هذا البيت الذي بسببه كانوا أفضل البشر على وجه الأرض،

<<  <   >  >>