للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيضًا، قال -صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلًا بمثل سواء بسواء يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم" ١، ويقاس على النقدين الأموال، وعلى البر والشعير البقول والحبوب، وهكذا.

والخلق الإسلامي الرفيع يرجع إلى الحكمة البالغة من تحريم الربا في الشريعة الإسلامية، وهي: أن تحريم الإسلام للربا يقضي على حفنة قليلة من المرابين لا خلاق لهم، ولا يرعون البشرية إلًّا ولا ذمَّة، ويتركز النشاط الاقتصادي في أيديهم فيتحكمون في تصرفات الغير بالاحتكار والاستغلال والظلم والإجحاف، وهذا ما عليه النظام الرأسمالي في الغرب، إذ يؤثر الرأسماليون تأثيرًا خطيرًا في شتَّى الاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والحضارية.

وتحريم الإسلام للربا يقضي على تضخم الثروات عند طبقة قليلة في المجتمع، وهذا يؤدي إلى الصراع الدائب في المجتمع بين هذه الطبقة وبين الطبقات الفقيرة، مما يؤدي إلى الحقد والحسد والبغضاء والكراهية والقلق والاضطراب، وعدم استتباب الأمن الداخلي في البلاد، والنزوع إلى التشاجر والتخاصم والعراك، وتحريم الربا أيضًا يقضي على تلك الطبقة الباغية المترفة التي آثرت الكسل والبطالة والخمول والسمنة والتبلد في العمل والكفاح، ليظل المسلم قويًّا عاملًا نشيطًا، حتى إذا ما دقَّت ساعة الجهاد في سبيل الله لا يتوانى واحد منهم عن المشاركة في رفع كلمة الله، أما طبقة أهل الربا فإنهم لا يحركون ساكنًا، ويولون الأدبار


١ صحيح مسلم: شرح النووي ١١/ ١٤.

<<  <   >  >>