للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على المشتري، وتسليم المبيع على البائع للمشتري، وتحريم تطفيف المكيال والميزان، ووجوب الصدق والبيان، وتحريم الكذب والخيانة، وأن جزاء القرض الوفاء والحمد"١، وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق يقتضي أيضًا الفضائل والقضاء على الرذائل، بأن تقوم المعاملات على تزكية الإنسان بالآداب الكريمة والأخلاق الفاضلة، وعلى المحافظة على الشعائر والقيم الإسلامية النبيلة، وإلا اهتزَّ نظام المجتمع، وتدمرت حياة الفرد، لفقدان الثقة، وغروب الأمن والطمأنينة، فتستعر المعاملات بالرشوة، والاختلاس والغش، ولذلك وصف الله عباده المؤمنين في تجارتهم وبيعهم ومعاملاتهم بقوله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ، لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور: ٣٧-٣٨] .

ولذلك نهى الإسلام عن عقود ومعاملات قامت على المفاسد، منها: النهي عن بيع العنب لمن يستعمله خمرًا، وعن السلاح للأعداء واللصوص، وعن الإيجار لدور الملاهي والبغاء، قال صلى الله عليه وسلم: "من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمرًا فقد تقحم النار على بصيرة" ٢، ونهى أيضًا عن بيع أخيه، لأنه يعقب في النفس الشحناء والحقد والبغضاء، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضرة لباه، ولا تناجشوا ولا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته"، ونهى عن البيع إذا نُودي للصلاة،


١ فتاوى ابن تيمية: ٢٨/ ٢٨٤.
٢ سبيل السلام: ٣/ ٢٩.

<<  <   >  >>