الأثقال والأحمال من علم البيان وعلم البديع، تعتمد على اللفظ السهل القريب، والنظم الخالي من الصنعة والتهذيب، حتى كادت أن تخلو من صور البيان ومحسنات البديع، ولا تجد الصورة الأدبية لها طريقًا إلى القلب، ولا تهز وترًا من أوتار العاطفة، بينما تجد للصورة الأدبية الثانية لها سحرًا وبراءة في القلب؛ فتستريح إليها النفس، وتنشي العاطفة لها نشو، وتهتزّ لها طربًا؛ فيقول القاضي: "وقد تغزَّل أبو تمام فقال:
لا يوحشنك ما استسمجت من سقمي ... فإن منزله من أحسن الناس
من قطع أوصاله توصيل مهلكتي ... ووصل ألحاظه تقطيع أنفاسي
متى أعش بتأميل الرجاء إذا ... ما كان قطع رجائي في يدي باسي
فلم يخل بيت منها من معنى بديع، وصفة لطيفة، طابق وجانس، واستعار فأحسن، وهي معدودة من المختار من غزله -وحق لها-، فقد جمعت على قصرها فنونًا في الحسن، وأصنافًا من البديع، ثم فيها من الإحكام والمتانة والقوة ما تراه، ولكن ما أظنك، تجد له من سورة الطرب، وارتياح النفس ما تجده لقول بعض الأعراب: