والسماء والماء لنداء الله تعالى لها، فإذا بالأرض تبتلع الماء، والسماء تكفُّ عن المطر، والسفينة ترسو على الأرض، فتستوي على الجودي بسرعة، فتتسلط عليها قوى كبرى غير ظاهرة للعيان، يسخرها الله -عز وجل- لتلبي النداء في لمح البصر، ثم تأمل التشخيص في التصوير القرآني الذي حول مظاهر الطبيعة إلى قوى حية جبارة لها إرادتها القوية والفاعلة يأمرها الله -عز وجل- فتستجيب طائعة لأمر الله تعالى، قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}[الإسراء: ٤٤] ، وما أروع التصوير القرآني في بناء الفعل للمجهول وطي ذكره في توجيه اللعنة والبعد للقوم الظالمين، لأن رحمة الله تعالى سبقت غضبه، ولا يرضى لعباده الكفر من قوله تعالى:{وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ، وما أروع التقاسيم الموسيقية في هذه الآية الكريمة، والتوازن والتآلف بين إيقاعات العبارات الثمانية، ثم ذلك التقابل الموسيقى بين الأرض والسماء والماء، وبين ابلعي وأقلعي وغيض، وبين قضي الأمر واستوت، وغير ذلك كثير في بلاغة الإعجاز لكتاب الله الخالد.