للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ مَتَى تَحَرَّكَ عَلَيْهِ غَضَبٌ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ رَامَ الشَّيْطَانُ مِنْ إغرائه به وخواطر أدنى وساوسه ما لَمْ يُجْعَلْ لَهُ سَبِيلٌ إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْهُ. فَيُكْفَى أَمْرُهُ وَيَكُونُ سَبَبَ تَمَامِ عِصْمَتِهِ إِذْ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنَ التَّعَرُّضِ له.. ولم يجعل له قُدْرَةٌ عَلَيْهِ.

وَقَدْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ هَذَا..

وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَصَوَّرَ لَهُ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ الْمَلَكِ وَيُلَبِّسَ عَلَيْهِ لَا فِي أَوَّلِ الرِّسَالَةِ وَلَا بَعْدَهَا.. وَالِاعْتِمَادُ فِي ذَلِكَ دَلِيلُ الْمُعْجِزَةِ بَلْ لَا يَشُكُّ النَّبِيُّ أَنَّ مَا يَأْتِيهِ مِنَ اللَّهِ الْمَلَكُ وَرَسُولُهُ حَقِيقَةً.. إِمَّا بِعِلْمٍ ضَرُورِيٍّ يَخْلُقُهُ اللَّهُ لَهُ.. أَوْ بِبُرْهَانٍ يُظْهِرُهُ لَدَيْهِ لِتَتِمَّ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا.. لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ..

فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى «١» أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ «٢» » الْآيَةَ!!

فَاعْلَمْ أَنَّ لِلنَّاسِ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ أَقَاوِيلَ «٣» ، مِنْهَا السَّهْلُ وَالْوَعْثُ «٤» ، وَالسَّمِينُ، وَالْغَثُّ «٥» .


(١) التمني: هنا بمعنى التلاوة وذكر الكسائي والفراء انه يقال تمنى اذا حدث نفسه، قال القرطبي وهو المعروف في اللغة.
(٢) : فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» الحج (٥٢)
(٣) أقاويل: جمع اقوال فهو جمع الجمع.
(٤) الوعث: المكان الكثير الرمل الذي يشق المشي فيه ثم استعمل لمعنى الشاق ومنه دعاؤه صلّى الله عليه وسلم (اللهم اني أعوذ بك من وعثاء السفر)
(٥) الغث: الناقة الهزيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>