للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ حَالَةُ الْأَنْبِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَوَارِضِ الْبَشَرِيَّةِ

قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَائِرَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ مِنَ الْبَشَرِ..

وَأَنَّ جِسْمَهُ وَظَاهِرَهُ خَالِصٌ لِلْبَشَرِ يَجُوزُ عَلَيْهِ مِنَ الْآفَاتِ وَالتَّغْيِيرَاتِ وَالْآلَامِ وَالْأَسْقَامِ وَتَجَرُّعِ كَأْسِ الْحِمَامِ مَا يَجُوزُ عَلَى الْبَشَرِ. وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِنَقِيصَةٍ فِيهِ.. لِأَنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا يُسَمَّى نَاقِصًا بِالْإِضَافَةِ إلى ما هو أتم فيه وأكمل من نوعه وقد كتب الله عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الدَّارِ فِيهَا يَحْيَوْنَ، وَفِيهَا يَمُوتُونَ، وَمِنْهَا يُخْرَجُونَ.

وَخَلَقَ جَمِيعَ الْبَشَرِ بِمَدْرَجَةِ «١» الْغِيَرِ «٢» .

فَقَدْ مَرِضَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاشْتَكَى وَأَصَابَهُ الْحَرُّ وَالْقَرُّ، وَأَدْرَكَهُ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَلَحِقَهُ الْغَضَبُ وَالضَّجَرُ، وَنَالَهُ الْإِعْيَاءُ وَالتَّعَبُ، وَمَسَّهُ الضَّعْفُ وَالْكِبَرُ، وَسَقَطَ فَجُحِشَ «٣» شِقُّهُ» وَشَجَّهُ الْكُفَّارُ «٤»


(١) مدرجة: اسم مكان بمعنى الطريق.
(٢) الغير: حوادث الدهر المتغيرة.
(٣) جحش: أي خدش. وقال الخليل هو كالخدش أو أكثر.
(٤) والذي شجه هو ابن قميئة والفعل للواحد وأسنده للكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>