للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا.. فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ ليس فيه تسلط على يوسف عليه السلام وَيُوشَعَ بِوَسَاوِسَ وَنَزْغٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِشَغْلِ خَوَاطِرِهِمَا بأمور أخر، وتذكير هما من أمور هما مَا يُنْسِيهِمَا مَا نَسِيَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ» فَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ تَسَلُّطِهِ عَلَيْهِ وَلَا وَسْوَسَتِهِ لَهُ.. بَلْ إِنْ كَانَ بِمُقْتَضَى ظَاهِرِهِ فَقَدْ بَيَّنَ أَمْرَ ذَلِكَ الشَّيْطَانِ بِقَوْلِهِ «١» : «إِنَّ الشَّيْطَانَ أَتَى بِلَالًا فَلَمْ يَزَلْ يُهَدِّئُهُ كَمَا يُهَدَّأُ الصَّبِيُّ حَتَّى نَامَ..»

فَاعْلَمْ أَنَّ تَسَلُّطَ الشَّيْطَانِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي إِنَّمَا كَانَ عَلَى بِلَالٍ الْمُوَكَّلِ بِكَلَاءَةِ «٢» الْفَجْرِ. هَذَا إِنْ جَعَلْنَا قَوْلَهُ: «إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ» تَنْبِيهًا عَلَى سَبَبِ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا إِنْ جَعَلْنَاهُ تَنْبِيهًا عَلَى سَبَبِ الرَّحِيلِ عَنِ الْوَادِي، وَعِلَّةً لِتَرْكِ الصَّلَاةِ بِهِ، وَهُوَ دَلِيلُ مَسَاقِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «٣» ، فَلَا اعْتِرَاضَ بِهِ في هذا الباب لبيانه وارتفاع اشكاله..


(١) في رواية مالك والبيهقي عن زيد بن أسلم.
(٢) وفي نسخة (بكلاءته) .
(٣) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٧٧٠» رقم «٧» .

<<  <  ج: ص:  >  >>