للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُنَا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبُ إِفَادَةِ عِلْمٍ وَتَقْرِيرِ شَرْعٍ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «١» «إِنِّي لَأَنْسَى أَوْ أُنَسَّى لِأَسُنَّ» بَلْ قَدْ رُوِيَ: «لَسْتُ أَنْسَى ولكن أنسّى لأسن»

وهذه الحالة زيادة له فِي التَّبْلِيغِ، وَتَمَامٌ عَلَيْهِ فِي النِّعْمَةِ.. بَعِيدَةٌ عن سمات النقص «٢» ، وأغراض الطَّعْنِ.

فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِتَجْوِيزِ ذَلِكَ يَشْتَرِطُونَ أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقَرُّ عَلَى السَّهْوِ وَالْغَلَطِ.. بَلْ يُنَبَّهُونَ عَلَيْهِ، وَيَعْرِفُونَ حُكْمَهُ بِالْفَوْرِ- عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ- وَهُوَ الصَّحِيحُ «٣» .. وَقَبْلَ انْقِرَاضِهِمْ- عَلَى قَوْلِ الاخرين- أما مَا لَيْسَ طَرِيقُهُ الْبَلَاغَ، وَلَا بَيَانَ الْأَحْكَامِ مِنْ أَفْعَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمَا يختص به من أمور دينية، وأذكار قلبية، مِمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ لِيُتَّبَعَ فِيهِ فَالْأَكْثَرُ مِنْ طَبَقَاتِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلُحُوقِ الْفَتَرَاتِ «٤» وَالْغَفَلَاتِ بِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ بِمَا كُلِّفَهُ مِنْ مُقَاسَاةِ الْخَلْقِ، وَسِيَاسَاتِ الْأُمَّةِ، ومعاناة «٥» الأهل،


(١) فى حديث رواه في الموطأ.
(٢) ولهذا قال بعض المشايخ الحنفية أن هذه السجدة سجدة سهو للامة وسجد شكر له صلّى الله عليه وسلم ومدح في حقه وان لم يمدح بها سواه.
(٣) عند أئمة الاصول.
(٤) الفترات: جمع فترة وهي كما قال الراغب سكون بعد حدة، ولين بعد شدة وضعف بعد قوة.
(٥) معاناة: من العناية أو العناء وهو الاشتغال بهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>