للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهِ احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ فِي الْخَوْفِ إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَدَائِهَا إِلَى وَقْتِ الْأَمْنِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّامِيِّينَ «١» وَالصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ كَانَ بَعْدَ هَذَا فَهُوَ نَاسِخٌ لَهُ «٢» ..

فَإِنْ قُلْتَ فَمَا تَقُولُ فِي نَوْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٣» عَنِ الصَّلَاةِ «٤» يَوْمَ الْوَادِي «٥» وَقَدْ قَالَ «٦» : «إِنَّ عَيْنِي تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» .

فَاعْلَمْ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ أَجْوِبَةً..

مِنْهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بأن هذا حكم قلبه عند نومه وغيبته «٧» فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ.. وَقَدْ يَنْدُرُ مِنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ.. كَمَا يَنْدُرُ مِنْ غَيْرِهِ خِلَافُ عَادَتِهِ.

وَيُصَحِّحُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ «٨» «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أرواحنا» وقول بلال «٩» : «مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ.

وَلَكِنْ مِثْلُ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ مِنْهُ لِأَمْرٍ يُرِيدُهُ اللَّهُ مِنْ إِثْبَاتِ حُكْمٍ وَتَأْسِيسِ سُنَّةٍ وَإِظْهَارِ شرع.


(١) وهم يروون ان صلاة الخوف كانت مشروعة قبل ذلك.
(٢) وهو مذهب أبي حنيفة والجمهور.
(٣) كما رواه البخاري وغيره.
(٤) الصلاة هي صلاة الصبح.
(٥) الوادي بطريق مكة، وقيل ببطن تبوك.. وكان بلال موكلا بايقاظ القوم فنام. وقد تقدم الحديث.
(٦) كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها.
(٧) وفي نسخة (وعينيه) فتكون معطوفة على (قلبه) .
(٨) أي في حديث الوادي.
(٩) تقدمت ترجمته في ج ٢ ص «٥٣» رقم «٦» .

<<  <  ج: ص:  >  >>