للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى لَهُ بِحِفْظِ مَا اسْتَحْفَظَهُ مِنْ وَحْيِهِ..

وَأَمَّا قَوْلُهُ: «عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ «١» » .

فَأَمْرٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى نَهْيٌ فَيُعَدُّ معصية..

ولا عده الله تعالى مَعْصِيَةً.. بَلْ لَمْ يَعُدَّهُ أَهْلُ الْعِلْمِ مُعَاتَبَةً وَغَلَّطُوا مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ.

قَالَ نِفْطَوَيْهِ «٢» : «وَقَدْ حَاشَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ.. بَلْ كَانَ مُخَيَّرًا فِي أَمْرَيْنِ.

قَالُوا: «وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا شَاءَ «٣» فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ وَحْيٌ.. فَكَيْفَ وَقَدْ قَالَ الله تعالى: «فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ «٤» » فَلَمَّا أَذِنَ لَهُمْ أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِمَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مِنْ سِرِّهِمْ.. أَنَّهُ لَوْ لَمْ يأذن لَقَعَدُوا وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِيمَا فَعَلَ.

وليس «عفا» هنا بمعنى غفر.. بل قال النبي صلّى الله عليه وسلم «٥» :


(١) «.. حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ» التوبة آية «٤٣» .
(٢) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٨٠» رقم «٤» .
(٣) مما يرى انه مناسب، لانه اذن له في الاجتهاد كما تقرر في الاصول.
(٤) «.. وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» النور اية «٦٢» .
(٥) في حديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن علي كرم الله وجهه والمصنف رحمه الله رواه بهذا اللفظ أما ما رواه هؤلاء فهو «قد عفوت لكم زكاة الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقيقة..» ومثل المصنف رحمه الله لا يقرع له بالعصا. فاندفع قول من قال: لم أقف على هذه الرواية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>