للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ «١» : «خَوْفُ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ خَوْفُ إِعْظَامٍ وَتَعَبُّدٍ لِلَّهِ لِأَنَّهُمْ آمِنُونَ» .

وَقِيلَ «٢» : فَعَلُوا ذَلِكَ لِيُقْتَدَى بِهِمْ وَتَسْتَنَّ بِهِمْ أُمَمُهُمْ.

كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٣» «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ مَعْنًى آخَرَ لَطِيفًا أَشَارَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ اسْتِدْعَاءُ مَحَبَّةِ اللَّهِ «٤» .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ «٥» » .

فَإِحْدَاثُ «٦» الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ الِاسْتِغْفَارَ وَالتَّوْبَةَ وَالْإِنَابَةَ وَالْأَوْبَةَ فِي كُلِّ حِينٍ اسْتِدْعَاءٌ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَالِاسْتِغْفَارُ فِيهِ مَعْنَى التَّوْبَةِ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلّى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ: «لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ «٧»

الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى: «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً «٨» » .


(١) الحارث بن أسد: المشهور بالمحاسبي لكثرة ما كان يحاسب نفسه ولزهده. وهو العالم الرباني الذي فاق أهل عصره في علم الظاهر والباطن.. وقد مات أبوه وخلف له مالا عظيما لم يأخذ منه شيئا مع احتياجه لأن أباه كان قدريا.. وقال: لا يتوارث أهل ملتين، ترجمته مفصلة في الميزان.. توفي سنة ثلاثة وأربعين ومائتين.
(٢) وفي نسخة (وقد) .
(٣) رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أنس وروى الحاكم عن أبي ذر وزاد: «لما ساغ لكم الطعام والشراب» . ورواه الطبراني والحاكم والبيهقي عن أبي الدرداء. وزاد «لخرجتم الى الصعدات- بضمتين الطرفات- تجأرون الى الله تعالى لا تدرون تنجون أو لا تنجون» .
(٤) لما في الحديث: «إن الله يفرح بتوبة عنده المؤمن» ، والفرح في حقه بمعنى الرضا عنه.
(٥) آية ٢٢٢ سورة البقرة.
(٦) أحداث: تجديد.
(٧) آية: ١١٧ سورة التوبة.
(٨) آية ٣ سورة النصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>