للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَمَا رُوِيَ مِنْ مُمَازَحَتِهِ وَدُعَابَتِهِ لِبَسْطِ أُمَّتِهِ وَتَطْيِيبِ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ صَحَابَتِهِ «١» وَتَأْكِيدًا فِي تَحَبُّبِهِمْ وَمَسَرَّةِ نُفُوسِهِمْ..

كَقَوْلِهِ «٢» : «لَأَحْمِلَنَّكِ عَلَى ابْنِ النَّاقَةِ» .

وَقَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي سَأَلَتْهُ عَنْ زَوْجِهَا «٣» «أَهُوَ الَّذِي بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ..»

وَهَذَا كُلُّهُ صِدْقٌ، لِأَنَّ كُلَّ جَمَلٍ ابْنُ نَاقَةٍ، وَكُلَّ إِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٤» : «إِنِّي لَأَمْزَحُ وَلَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا «٥» ..»

هَذَا كُلُّهُ فِيمَا بَابُهُ الْخَبَرُ.

- فَأَمَّا مَا بَابُهُ غَيْرُ الْخَبَرِ مِمَّا صُورَتُهُ صُورَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ أَحَدًا بِشَيْءٍ، أَوْ يَنْهَى أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ، وَهُوَ يُبْطِنُ خِلَافَهُ.

وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٦» : «مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خائنة الأعين.»


(١) وفي نسخة (من أصحابه) .
(٢) صلّى الله عليه وسلم في حديث رواه ابو داود والترمذي عن أنس رضي الله تعالى عنه وصححاه.
(٣) والحديث رواه ابن أبي حاتم وغيره.
(٤) في حديث رواه احمد والترمذي والطبراني عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم بسند حسن.
(٥) ولفظ الحديث انهم قالوا: يا رسول الله انك تداعبنا.. فقال: اني اذا داعبتكم لا أقول الا حقا،» فالنهي عنه في قوله: «لا تمار أخاك ولا تمازحه» . وفي قول عمر رضي الله تعالى عنه: «من مزح استخف به» وقول ابن العاصي: «يا بني لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا الدنيء فيجترىء عليك» . محمول على الكثرة منه في غير محله وعلى غير سنته صلّى الله عليه وسلم.
(٦) هذا من حديث رواه الحاكم والنسائي وابو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>