للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي «١» مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْعَرَبَ. وَلَعَنَ اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَعَنَ اللَّهُ بَنِي آدَمَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الْأَنْبِيَاءَ، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ، أَنَّ عَلَيْهِ الْأَدَبَ بِقَدْرِ اجْتِهَادِ السُّلْطَانِ.

وَكَذَلِكَ أَفْتَى فِيمَنْ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ حَرَّمَ الْمُسْكِرَ، وَقَالَ:

لَمْ أَعْلَمْ مَنْ حَرَّمَهُ.

وَفِيمَنْ لَعَنَ حَدِيثَ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» وَلَعَنَ مَا جَاءَ بِهِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَعَدَمِ مَعْرِفَةِ السُّنَنِ فَعَلَيْهِ الْأَدَبُ الْوَجِيعُ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقْصِدْ بِظَاهِرِ حَالِهِ سَبَّ اللَّهِ وَلَا سَبَّ رَسُولِهِ وَإِنَّمَا لَعَنَ مَنْ حَرَّمَهُ مِنَ النَّاسِ عَلَى نَحْوِ فَتْوَى سُحْنُونٍ «٢» وَأَصْحَابِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ المتقدمة.

ومثل هذا يجري في كلام سفهاء الناس من قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ يَا ابْنَ أَلْفِ خِنْزِيرٍ ويا ابن مئة كَلْبٍ وَشِبْهِهِ مِنْ هُجْرِ «٣» الْقَوْلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِثْلِ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَعَلَّ بَعْضَ هَذَا الْعَدَدِ مُنْقَطِعٌ إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فينبغي الزجر


(١) تقدمت ترجمته في ج ٢ ص (١٤٤) رقم (١) .
(٢) تقدمت ترجمته في ج ١ ص (١٨٨) رقم (١) .
(٣) هجر: فحش.

<<  <  ج: ص:  >  >>