للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُقْنَا أَمْثِلَتَهُ.. فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا وَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ سَبًّا وَلَا أَضَافَتْ إِلَى الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ نَقْصًا..- وَلَسْتُ أَعْنِي عَجُزَيْ بَيْتَيِ الْمَعَرِّيِّ «١» - وَلَا قَصَدَ قَائِلُهَا إِزْرَاءً وَغَضًّا، فَمَا وَقَّرَ النُّبُوَّةَ ولا عظّم الرسالة، ولا عزّر حُرْمَةَ الِاصْطِفَاءِ، وَلَا عَزَّزَ حُظْوَةَ الْكَرَامَةِ، حَتَّى شَبَّهَ مَنْ شَبَّهَ فِي كَرَامَةٍ نَالَهَا أَوْ معرّة قصد الانتفاء مِنْهَا، أَوْ ضَرْبِ مَثَلٍ لِتَطْيِيبِ مَجْلِسِهِ، أَوْ إِغْلَاءٍ فِي وَصْفٍ لِتَحْسِينِ كَلَامِهِ بِمَنْ عَظَّمَ اللَّهُ خَطَرَهُ وَشَرَّفَ قَدْرَهُ، وَأَلْزَمَ تَوْقِيرَهُ وَبِرَّهُ، وَنَهَى عَنْ جَهْرِ الْقَوْلِ لَهُ، وَرَفْعِ الصَّوْتِ عنده، فحقّ هذا إن درىء عَنْهُ الْقَتْلُ الْأَدَبُ، وَالسِّجْنُ وَقُوَّةُ تَعْزِيرِهِ بِحَسَبِ شُنْعَةِ مَقَالِهِ، وَمُقْتَضَى قُبْحِ مَا نَطَقَ بِهِ، وَمَأْلُوفِ عَادَتِهِ لِمِثْلِهِ، أَوْ نُدُورِهِ، وَقَرِينَةِ كَلَامِهِ أَوْ نَدَمِهِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْهُ.

- وَلَمْ يَزَلِ الْمُتَقَدِّمُونَ يُنْكِرُونَ مِثْلَ هَذَا مِمَّنْ جَاءَ بِهِ وَقَدْ أَنْكَرَ الرَّشِيدُ «٢» عَلَى أَبِي نُوَاسٍ «٣» قَوْلَهُ:

فَإِنُ يَكُ بَاقِي سِحْرِ فِرْعَوْنَ فِيكُمُ ... فإن عصا موسى بكفّ خصيب


(١) تقدمت ترجمته في ج ٢ ص «٥٢٢» رقم «٢» .
(٢) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٤٩٢» رقم «٣» .
(٣) أبو نواس: كان والده مولى الجراح بن عبد الله الحكمي والي خراسان، ولد بالبصرة ونشأ بها ثم خرج الى الكوفة ثم صار الى بغداد، توفي سنة خمس وتسعين ومائة ببغداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>