كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِّيًّا! فَشُنِّعَ عَلَيْهِ مَقَالُهُ وَكَفَّرَهُ النَّاسُ، وَأَشْفَقَ الشَّابُّ مِمَّا قَالَ. وَأَظْهَرَ النَّدَمَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو الحسن: أما إطلاق الكفر عليه فخطأ لكنه مخطىء فِي اسْتِشْهَادِهِ بِصِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَوْنُ النَّبِيِّ أُمِّيًّا آيَةٌ لَهُ، وَكَوْنُ هَذَا أُمِّيًّا نَقِيصَةٌ فِيهِ وَجَهَالَةٌ، وَمِنْ جَهَالَتِهِ احْتِجَاجُهُ بِصِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكِنَّهُ إِذَا اسْتَغْفَرَ وَتَابَ وَاعْتَرَفَ وَلَجَأَ إِلَى اللَّهِ فَيُتْرَكُ.. لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَنْتَهِي إِلَى حَدِّ الْقَتْلِ.
وَمَا طَرِيقُهُ الْأَدَبُ فَطَوْعُ فَاعِلِهِ بِالنَّدَمِ عَلَيْهِ يُوجِبُ الْكَفَّ عَنْهُ.
وَنَزَلَتْ أَيْضًا مَسْأَلَةٌ اسْتَفْتَى فِيهَا بَعْضُ قُضَاةِ الْأَنْدَلُسِ شَيْخَنَا الْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدِ «١» بْنَ مَنْصُورٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رَجُلٍ تَنَقَّصَهُ آخَرُ بِشَيْءٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا تُرِيدُ نَقْصِي بِقَوْلِكَ، وَأَنَا بَشَرٌ وَجَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمُ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفْتَاهُ بِإِطَالَةِ سِجْنِهِ وَإِيجَاعِ أَدَبِهِ، إِذْ لَمْ يَقْصِدِ السَّبَّ. وَكَانَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الأندلس أفتى بقتله.
(١) هو شيخ القضاة في عصره اشتهر عنه البراعة في القضاء والدقة في العلم والزهد في الدنيا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute