للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّعَجُّبِ مِنْ مِنَحِ اللَّهِ قِبَلَهُ. وَعَظِيمِ مِنَّتِهِ عِنْدَهُ لَيْسَ فِيهِ غَضَاضَةٌ، بَلْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَصِحَّةِ دَعْوَتِهِ، إِذْ أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا عَلَى صَنَادِيدِ الْعَرَبِ وَمَنْ نَاوَأَهُ «١» مِنْ أَشْرَافِهِمْ شَيْئًا فَشَيْئًا وَنَمَى أَمْرُهُ حَتَّى قَهَرَهُمْ، وَتَمَكَّنَ مِنْ مِلْكِ مَقَالِيدِهِمْ، وَاسْتِبَاحَةِ مَمَالِكِ كَثِيرٍ مِنَ الْأُمَمِ غَيْرِهِمْ بِإِظْهَارِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ وَتَأْيِيدِهِ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَإِمْدَادِهِ بِالْمَلَائِكَةِ الْمُسَوِّمِينَ «٢» .

وَلَوْ كَانَ ابْنَ مَلِكٍ أَوْ ذَا أَشْيَاعٍ مُتَقَدِّمِينَ لِحَسِبَ كَثِيرٌ مِنَ الْجُهَّالِ أَنَّ ذَلِكَ مُوجِبُ ظُهُورِهِ، وَمُقْتَضَى عُلُوِّهِ.

وَلِهَذَا قَالَ هِرَقْلُ «٣» حِينَ سَأَلَ أَبَا سُفْيَانَ «٤» عَنْهُ: «هَلْ فِي آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ» ؟! ثُمَّ قَالَ: «وَلَوْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ لقلنا: رجل يطلب ملك أبيه» ، وإذا «اليتيم» مِنْ صِفَتِهِ وَإِحْدَى عَلَامَاتِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَخْبَارِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ. وَكَذَا وَقَعَ ذِكْرُهُ فِي كتاب


(١) ناواه: مفاعله من النوء وهو النهوض فأصله الهمز وابدل أي عاداه.
(٢) مسومين: بكسر الواو أي معلمين بسيما خاصة.
(٣) هرقل: عظيم الروم وكان في حمص من بلاد الشام عند ما كانت تحت الروم. وقيل كان بابليا.
(٤) أبو سفيان: ويكنى بأبي حنظلة، واسمه صخر بن حرب بن أمية. ولد قبل الفيل بعشر سنين وأسلم ليلة الفتح وشهد الطائف وحنينا، وفقئت احدى عينيه يوم اليرموك وتوفي بالمدينة سنة احدى او اربع وثلاثين وهو ابن ثمان وثمانين سنة وصلّى عليه عثمان رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>