للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخَطَأُ فِي تَرْكِ «١» أَلْفِ كَافِرٍ أَهْوَنُ مِنَ الْخَطَأِ فِي سَفْكِ مِحْجَمَةٍ «٢» مِنْ دَمٍ مُسْلِمٍ وَاحِدٍ.

وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٣» : «فَإِذَا قَالُوهَا- يَعْنِي الشَّهَادَةَ «٤» - عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ..»

فَالْعِصْمَةُ مَقْطُوعٌ بِهَا مَعَ الشَّهَادَةِ وَلَا تَرْتَفِعُ وَيُسْتَبَاحُ خِلَافُهَا إِلَّا بِقَاطِعٍ وَلَا قَاطِعَ مِنْ شَرْعٍ وَلَا قِيَاسٍ عَلَيْهِ.. وَأَلْفَاظُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابِ مُعَرَّضَةٌ لِلتَّأْوِيلِ.. فَمَا جَاءَ مِنْهَا فِي التَّصْرِيحِ بِكُفْرِ الْقَدَرِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: «لَا سَهْمَ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ» وَتَسْمِيَتُهُ الرَّافِضَةَ بِالشِّرْكِ، وَإِطْلَاقُ اللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ.. وَكَذَلِكَ فِي الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، فَقَدْ يَحْتَجُّ بِهَا مَنْ يَقُولُ بِالتَّكْفِيرِ.

وقد يجيب الاخر بأنه قد ورد مثل هذه الألفاظ في الحديث في غير الكفرة على طريق التغليظ «٥» .. وَكُفْرٌ «٦» دُونَ كُفْرٍ، وَإِشْرَاكٌ دُونَ إِشْرَاكٍ.

وَقَدْ وَرَدَ مِثْلُهُ فِي الرِّيَاءِ وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ، وَالزَّوْجِ، والزّور


(١) ترك: فتل
(٢) محجمة: بكسر الميم اسم الالة التي يؤخذ فيها دم الحجامة.
(٣) في حديث صحيح رواه البخاري وغيره (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) .
(٤) مع متعلقاتها من بقية الاركان
(٥) أي المبالغة والتشديد في الزجر تخويفا لهم كقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة «من أنى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» .
(٦) أي كفر خفي دون كفر جلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>