- ثُمَّ هِيَ فِي حَقِّ مَنْ أُقْدِرَ عَلَيْهَا وَمَلَكَهَا، وَقَامَ بِالْوَاجِبِ فِيهَا وَلَمْ تَشْغَلْهُ عَنْ رَبِّهِ دَرَجَةً عَلْيَاءَ، وَهِيَ دَرَجَةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَمْ تَشْغَلْهُ كَثْرَتُهُنَّ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ، بَلْ زَادَهُ ذَلِكَ عِبَادَةً لِتَحْصِينِهِنَّ، وَقِيَامِهِ بِحُقُوقِهِنَّ، وَاكْتِسَابِهِ لَهُنَّ، وَهِدَايَتِهِ إِيَّاهُنَّ.
- بَلْ صَرَّحَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حُظُوظِ دُنْيَاهُ هُوَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حُظُوظِ دُنْيَا غَيْرِهِ.
فقال عليه الصلاة والسلام: «حبّب إليّ من دنياكم «١» » .
فدلّ أَنَّ حُبَّهُ لِمَا ذَكَرَ مِنَ النِّسَاءِ وَالطِّيبِ، اللذين هما من أمر دُنْيَا غَيْرِهِ، وَاسْتِعْمَالِهِ لِذَلِكَ لَيْسَ لِدُنْيَاهُ، بَلْ لِآخِرَتِهِ، لِلْفَوَائِدِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي التَّزْوِيجِ، وَلِلِقَاءِ الْمَلَائِكَةِ فِي الطِّيبِ، وَلِأَنَّهُ أَيْضًا مِمَّا يَحُضُّ عَلَى الْجِمَاعِ وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَيُحَرِّكُ أَسْبَابَهُ.
- وَكَانَ حُبُّهُ لِهَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ لِأَجْلِ غَيْرِهِ، وَقِمْعِ شَهْوَتِهِ. وكان حبه الحقيقي المختص بذاته في مشاهدة جَبَرُوتَ مَوْلَاهُ، وَمُنَاجَاتِهِ.
وَلِذَلِكَ مَيَّزَ بَيْنَ الْحُبَّيْنِ، وفصل بين الحالين.
(١) كما رواه الحاكم والنسائي وبقيته: «النساء والطيب وقرة عيني في الصلاة» . وليس زيادة «ثلاث» في صحيح الروايات.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute