للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي حَدِيثٍ «١» آخَرَ: «أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ وَعِيسَى فِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُمَا فِي أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. أَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَيَقُولُ: أَنْتَ دَعْوَتِي وَذُرِّيَّتِي فَاجْعَلْنِي مِنْ أُمَّتِكَ.. وَأَمَّا عِيسَى فَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ بَنُو عِلَّاتٍ «٢» أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى.. وَإِنَّ عِيسَى أَخِي لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ» .

قَوْلُهُ: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» هُوَ سَيِّدُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَكِنْ أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِانْفِرَادِهِ فِيهِ بِالسُّؤْدُدِ وَالشَّفَاعَةِ دُونَ غَيْرِهِ، إِذْ لَجَأَ النَّاسُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدُوا سِوَاهُ، «وَالسَّيِّدُ» هُوَ الَّذِي يَلْجَأُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِي حَوَائِجِهِمْ.. فَكَانَ حِينَئِذٍ سَيِّدًا مُنْفَرِدًا مِنْ بَيْنِ الْبَشَرِ، لَمْ يُزَاحِمْهُ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ وَلَا ادَّعَاهُ..

كَمَا قَالَ تَعَالَى: «لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟. لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ «٣» » وَالْمُلْكُ لَهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.. لَكِنْ فِي الْآخِرَةِ، انْقَطَعَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِينَ لِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا. وَكَذَلِكَ لَجَأَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم جميع


(١) رواه مسلم.
(٢) العلات: المراد بالعلات الزوجات الضرائر، وهم من العلل، وهو الشرب مرة بعد مرة، والشرب الاول يسمى نهلا، فكان الزوجات موارد للزوج، او كان أولاد مشاربهم مختلفة في الرضاع، وهذا أقرب.
(٣) (يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك..) سورة المؤمن ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>