للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي ... وَبِذَا سُمِّيَ الْخَلِيلُ خَلِيلَا

فَإِذَا مَا نَطَقْتُ كُنْتَ حَدِيثِي ... وَإِذَا مَا سَكَتُّ كُنْتَ الْغَلِيلَا «١»

فَإِذَا مَزِيَّةُ الخلّة وخصوصية المحبة حاصلة لنبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآثَارُ الصَّحِيحَةُ الْمُنْتَشِرَةُ، الْمُتَلَقَّاةُ بِالْقَبُولِ مِنَ الْأُمَّةِ.

وَكَفَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ ... «٢» » الْآيَةَ

حَكَى أَهْلُ التَّفْسِيرِ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ الْكُفَّارُ:

إِنَّمَا يُرِيدُ مُحَمَّدٌ أَنْ نَتَّخِذَهُ حَنَانًا «٣» كَمَا اتَّخَذَتِ النَّصَارَى عِيسَى بن مَرْيَمَ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ غَيْظًا لَهُمْ، وَرَغْمًا عَلَى مَقَالَتِهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ:

«قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ «٤» » .

فَزَادَهُ شَرَفًا بِأَمْرِهِمْ بِطَاعَتِهِ، وَقَرْنِهَا بِطَاعَتِهِ ثُمَّ توعّدهم على التولّي عنه.


(١) وفي رواية الدخيلا والمراد بالغليل: بالغين المعجمة ما كان داخل القلب من قولهم تغلغل الماء وتغلل النبات إذا جرى تحته مستترا وكذا المراد بالدخيل ما هو داخل القلب والبدن لا الأجنبي.
(٢) «فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» سورة آل عمران ٣٠.
(٣) حنانا: بفتحتين مخفف النون معناه الرحمة والاشفاق مأخوذ من الحنين وهو يكون مع صوت والمراد أن نعطف عليه ونجعله موضع الحنان والرحمة أي نتبرك ونتضرع به.
(٤) «فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكافِرِينَ» سورة آل عمران ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>