للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُونُسَ تَفَسَّخَ «١» مِنْهَا تَفَسُّخَ الرُّبَعِ «٢» ..

فَحَفِظَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْضِعَ الْفِتْنَةِ مِنْ أَوْهَامِ مَنْ يَسْبِقُ إِلَيْهِ بِسَبَبِهَا جَرْحٌ فِي نَبُوَّتِهِ، أو قدح في اصطفائه، وحط من رُتْبَتِهِ، وَوَهْنٌ فِي عِصْمَتِهِ، شَفَقَةً مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ.

وَقَدْ يَتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَجْهٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ:

«أَنَا» رَاجِعًا إِلَى الْقَائِلِ نَفْسِهِ، أَيْ لَا يَظُنُّ أَحَدٌ وَإِنْ بَلَغَ مِنَ الذَّكَاءِ وَالْعِصْمَةِ وَالطَّهَارَةِ مَا بَلَغَ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يونس لأجل ما حكي عَنْهُ، فَإِنَّ دَرَجَةَ النُّبُوَّةِ أَفْضَلُ، وَأَعْلَى وَإِنَّ تِلْكَ الْأَقْدَارَ لَمْ تَحُطَّهُ عَنْهَا حَبَّةَ خَرْدَلٍ وَلَا أَدْنَى.

وَسَنَزِيدُ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي هَذَا بَيَانًا- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى-.

فَقَدْ بَانَ لَكَ الْغَرَضُ، وَسَقَطَ بِمَا حَرَّرْنَاهُ شُبْهَةُ الْمُعْتَرِضِ.

وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ لَا إِلَهَ إلّا هو..


(١) تفسخ: بالفاء والسين المهملة المشددة والخاء المعجمة أي تقطعت أعضاؤه وتفككت لعدم طلقته عليه الصلاة والسلام بحملها يقال تفسخ البعير تحت الحملى الثقيل وفسخ ثيابه اذا أزالها ومنه فسخ العقود عند الفقهاء.
(٢) الربيع: بضم الراء النملة وفتح الباء الموحدة وللعين المهملة وهو التفصيل أي ولد الناقة الصغير الذي يولد في الربيع والمقصود هنا أي تفسخ كنفسيخة الربع أي لم يطق مشاق للرسالة ولم يصبر عليها وفي تشبهه بالربع اشارة الى أنه كان في مبدأ أمره. وفي تفسخ استعارة تصريحية ويجوز أن تكون استطرة تمثيلية وهو أحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>