للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر عنهم أنهم رأوه كما رواه.. فسكوت الساكت منهم كنطق الناطق.. إذهم الْمُنَزَّهُونَ عَنِ السُّكُوتِ عَلَى بَاطِلٍ.. وَالْمُدَاهَنَةِ فِي كَذِبٍ.. وَلَيْسَ هُنَاكَ رَغْبَةٌ وَلَا رَهْبَةٌ تَمْنَعُهُمْ.. وَلَوْ كَانَ مَا سَمِعُوهُ مُنْكَرًا عِنْدَهُمْ وَغَيْرَ مَعْرُوفٍ لَدَيْهِمْ لَأَنْكَرُوهُ كَمَا أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَشْيَاءَ رَوَاهَا مِنَ السُّنَنِ وَالسِّيَرِ وَحُرُوفِ «١» الْقُرْآنِ.

وَخَطَّأَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَوَهَّمَهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ.

- فَهَذَا النَّوْعُ كُلُّهُ يَلْحَقُ بِالْقَطْعِيِّ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ، لِمَا بَيَّنَّاهُ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ أَمْثَالَ الْأَخْبَارِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَبُنِيَتْ على باطل لا بدمع مرور الأزمات وَتَدَاوُلِ النَّاسِ وَأَهْلِ الْبَحْثِ مِنِ انْكِشَافِ ضَعْفِهَا وَخُمُولِ ذِكْرِهَا.. كَمَا يُشَاهَدُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ وَالْأَرَاجِيفِ «٢» الطَّارِئَةِ.. وَأَعْلَامُ «٣» نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْوَارِدَةُ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ.. لَا تَزْدَادُ مَعَ مُرُورِ الزَّمَانِ إِلَّا ظهورا.. ومع


(١) حروف القرآن: أي قراءاته المتعددة فإن كل وجه من القراءة يطلق عليه حرف وبه فسر حديث «أنزل القرآن على سبعة أحرف» أي لغات.
(٢) الأراجيف: جمع إرجاف بكسر الهمزة وفتحها وقيل إنه جمع رجفة من الرجف وهو الاضطراب والتحرك بحركات متوالية ولذا سمي البحر رجافا لاضطراب أمواجه، وهي هنا بمعنى الأخبار السيئة التي تشيع بين الناس ثم تنسى لظهور كذبها.
(٣) أعلام: بفتح الهمزة جمع علم بمعنى علامة او راية كبيرة والمراد معجزته المعلومة المشهورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>