للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاهِجُ «١» .. لَا يَشُكُّونَ أَنَّ الْكَلَامَ طَوْعُ مُرَادِهِمْ، وَالْبَلَاغَةَ مِلْكُ قِيَادِهِمْ.. قَدْ حَوَوْا فُنُونَهَا وَاسْتَنْبَطُوا عُيُونَهَا.. وَدَخَلُوا مِنْ كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا.. وَعَلَوْا صَرْحًا «٢» لِبُلُوغِ أَسْبَابِهَا. فَقَالُوا فِي الْخَطِيرِ وَالْمَهِينِ، وَتَفَنَّنُوا فِي الْغَثِّ «٣» وَالسَّمِينِ.. وَتَقَاوَلُوا فِي الْقُلِّ وَالْكُثْرِ «٤» وَتَسَاجَلُوا فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ.. فَمَا رَاعَهُمْ إِلَّا رَسُولٌ كَرِيمٌ.. بِكِتَابٍ «عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ «٥» » أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ، وَفُصِّلَتْ كَلِمَاتُهُ، وَبَهَرَتْ بَلَاغَتُهُ الْعُقُولَ.. وَظَهَرَتْ فَصَاحَتُهُ عَلَى كُلِّ مَقُولٍ.. وَتَظَافَرَ «٦» إِيجَازُهُ وَإِعْجَازُهُ.. وَتَظَاهَرَتْ حَقِيقَتُهُ وَمَجَازُهُ.. وَتَبَارَتْ فِي الْحُسْنِ مَطَالِعُهُ وَمَقَاطِعُهُ.. وَحَوَتْ كُلَّ الْبَيَانِ جَوَامِعُهُ وَبَدَائِعُهُ وَاعْتَدَلَ مَعَ إِيجَازِهِ حُسْنُ نَظْمِهِ.. وَانْطَبَقَ عَلَى كَثْرَةِ فَوَائِدِهِ مُخْتَارُ لَفْظِهِ.. وَهُمْ أَفْسَحُ مَا كانوا في هذا الباب مجالا.. وأشهر


(١) والمهيع الناهج: بفتح الميم وسكون الهاء وفتح المثناة التحتية وهي الطريق الواسع والناهج بمعنى البين الواضح المسلوك.
(٢) صرحا: وهو البيت العالي المزخرف بناؤه.
(٣) الغث: بفتح الغين المعجمة وتشديد المثلثة واصله اللحم المهزول الذي يكره تناوله فاستعير للامر القبيح والفاسد وضده السمين.
(٤) القل والكثر: بضم القاف والكاف أي القليل والكثير.
(٥) سورة فصلت آية «٤٢»
(٦) تظافر: تغلب على غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>