للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَرْهَفَ خَاطِرَهُ وَلِسَانَهُ أَدَبُ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ مَا قُلْنَاهُ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَئِمَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي وَجْهِ عَجْزِهِمْ عَنْهُ فَأَكْثَرُهُمْ يقول: إنّه مما جَمَعَ فِي قُوَّةِ جَزَالَتِهِ وَنَصَاعَةِ أَلْفَاظِهِ، وَحُسْنِ نَظْمِهِ، وَإِيجَازِهِ، وَبَدِيعِ تَأْلِيفِهِ، وَأُسْلُوبِهِ، لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي مَقْدُورِ الْبَشَرِ..

وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَوَارِقِ الْمُمْتَنِعَةِ عَنْ أَقْدَارِ الْخَلْقِ عَلَيْهَا كإحياء «١» الموتى، وقلب العصا «٢» ، وتسبيح الحصا «٣» وذهب الشيخ أبو الحسن «٤» إلى أنّه مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ مِثْلُهُ تَحْتَ مَقْدُورِ الْبَشَرِ وَيُقَدِّرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ.. وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا وَلَا يَكُونُ..

فَمَنَعَهُمُ اللَّهُ هَذَا وَعَجَّزَهُمْ عَنْهُ وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ»

. وَعَلَى الطريقتين.. فَعَجْزُ الْعَرَبِ عَنْهُ ثَابِتٌ، وَإِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بما أَنْ يَكُونَ فِي مَقْدُورِ الْبَشَرِ وَتَحَدِّيهِمْ بِأَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ قَاطِعٌ.. وَهُوَ أَبْلَغُ فِي التَّعْجِيزِ، وَأَحْرَى بِالتَّقْرِيعِ وَالِاحْتِجَاجُ بِمَجِيءِ بِشَرٍ مِثْلِهِمْ بِشَيْءٍ لَيْسَ مِنْ قُدْرَةِ الْبَشَرِ لَازِمٌ.. وَهُوَ أَبْهَرُ آية، وأقمع دلالة.


(١) وهذا مما وقع لعيسى عليه الصلاة والسلام وابراهيم الخليل صلّى الله عليه وسلم.
(٢) أي قلب العصاحية كما وقع لموسى عليه الصلاة والسلام.
(٣) وذلك في كف النبي صلّى الله عليه وسلم كما ثبت في معجزاته.
(٤) ابو حسن الاشعري تقدمت ترجمته في ص «٣٨١» رقم «٢»
(٥) لكن هذا هو القول بالصرفة وهو مرجوح عند أكابر الأئمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>