للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْعِجْلِ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَعَبَدُوا الْمَسِيحَ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى صَلْبِهِ «وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ» »

فَجَاءَتْهُمْ مِنَ الْآيَاتِ الظَّاهِرَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْأَبْصَارِ بِقَدْرِ غِلَظِ أَفْهَامِهِمْ مَا لَا يَشُكُّونَ فِيهِ، وَمَعَ هَذَا فَقَالُوا «٢» : «لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً «٣» » وَلَمْ يَصْبِرُوا عَلَى الْمَنِّ «٤» وَالسَّلْوَى «٥» ، وَاسْتَبْدَلُوا الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ «٦» .

وَالْعَرَبُ عَلَى جَاهِلِيَّتِهَا أَكْثَرُهَا يَعْتَرِفُ بِالصَّانِعِ وَإِنَّمَا كَانَتْ تَتَقَرَّبُ بِالْأَصْنَامِ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى وَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ مِنْ قَبْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلِيلِ عَقْلِهِ وَصَفَاءِ لُبِّهِ. وَلَمَّا جاءهم الرسول صلّى الله عليه وسلم بِكِتَابِ اللَّهِ فَهِمُوا حِكْمَتَهُ وَتَبَيَّنُوا بِفَضْلِ إِدْرَاكِهِمْ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ مُعْجِزَتَهُ فَآمَنُوا بِهِ وَازْدَادُوا كُلَّ يَوْمٍ إِيمَانًا، وَرَفَضُوا الدُّنْيَا كُلَّهَا فِي صُحْبَتِهِ وَهَجَرُوا دِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَقَتَلُوا آبَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ فِي


(١) سورة النساء آية رقم «١٥٧» .
(٢) وفي نسخة: «قالوا» .
(٣) سورة البقرة آية رقم «٥٥» .
(٤) المن: وهو طل كالعسل ينزل على الاشجار فيجمع ويؤكل.
(٥) السلوى: وهو طائر كالسماني واحده سلواه وكانوا لما خرجوا من التيه قالوا لموسى عليه الصلاة والسلام أخرجتنا من العمران للقفر فادع الله أن يرزقنا فرزقهم المن ثم سألوه ان يطعمهم من اللحوم فأتاهم بالسلوى فكانوا يأخذونها بأيديهم ثم قالوا: «لن نصبر على طعام واحد» .
(٦) أي طلبوا القوم والعدس والبصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>