للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِبَادَةِ خَالِقِهِ.. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْفَعَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ مَكَانَةً، وَأَعْلَاهُمْ دَرَجَةً، وَأَتَمَّهُمْ بِهِ مَعْرِفَةً، وَكَانَتْ حَالُهُ عند خلوص قلبه، وخلو همه، وتفرده بربه، واقباله بكليته، وَمُقَامِهِ هُنَالِكَ أَرْفَعَ حَالَيْهِ «١» .. رَأَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ فَتْرَتِهِ عَنْهَا، وَشُغْلِهِ بِسِوَاهَا، غَضًّا «٢» مِنْ عَلِيِّ حَالِهِ، وَخَفْضًا مِنْ رَفِيعِ مَقَامِهِ، فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْ ذَلِكَ.. هَذَا أَوْلَى وُجُوهِ الْحَدِيثِ وَأَشْهَرِهَا.

وَإِلَى مَعْنَى مَا أَشَرْنَا بِهِ مَالَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَحَامَ حَوْلَهُ..

فَقَارَبَ وَلَمْ يَرِدْ «٣» .. وَقَدْ قَرَّبْنَا غَامِضَ مَعْنَاهُ.. وَكَشَفْنَا لِلْمُسْتَفِيدِ مُحَيَّاهُ «٤» .. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الفترات والفضلات، وَالسَّهْوِ فِي غَيْرِ طَرِيقِ الْبَلَاغِ عَلَى مَا سيأتي..


(١) اى حالة اشتغاله بالظاهر وحالة كونه مع الله عالم السرائر وكل منهما رفيعة ولكن هذه أرفع.
(٢) غضا: وهو معقول ثان لرأي او حال وغض الطرف ارخاؤه واطرافه ويكون بمعنى النقصان كما يقال غض صوته وهو المراد هنا وكني به عن التنزل عما ذكر.
(٣) اي لم يصل، استعارة من ورد الماء اذا اتاه ليستقي منه.
(٤) محياه: بالضم والفتح والتشديد بمعنى الوجه وفيه استعارة مكنية تخييلية بتشبيهه بحسان مخدرة والكشف للحديث هنا لرفع غينه واظهار محياه تعينه، وفي نسخة (مخباه) بخاء معجمة وتشديد موحدة أي مخفية وأصله الهمز كما في قوله تعالى «الا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء» سورة النمل اية ٢٠ فكأنه ابدل التخفيف مراعاة للسمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>